روايه وبها متيم انا بقلم الكاتبه آمل نصر

موقع أيام نيوز

 


اللي يجرالكم انا راجل دمي حر.
يعني هنعمل ايه
سألته أمنية بعدم فهم قبل أن تتفاجأ بهوهو يتناول هاتفه من فوق سطح الطاولة ليضعه بجيبه ومفاتيح السيارة التي أتى بها موجها حديثه نحوهن
هتخرجوا معايا انتوا التلاتة دلوقتي البت دي لازم تشوفكم وانتوا خارجين وبتحرجوها عشان مترفعش عينها في عين الناس دي اللي فرحانة بيهم. 

انصاعت أمنية كالمغيبة لتنفيذ أمره أما نرجس فكانت مترددة بجبن منها في مواجهة شهد وبنفس الوقت تريد الذهاب معه وتركها لتثأئر لنفسها بعد أن همشتها بهذه الطريقة وكأنها غريبة وليست من أهل المنزل تطلعت نحو شقيقتها تود المؤازرة منها ولكن الأخرى كانت غير منتبهة وقد بدا التوتر عليها وهي تقول
بقولك ايه يا ابراهيم الناس بقت تاخد بالها مننا وابوك زي ما انت شايف رايح يشهد مع الراجل الصعيدي على عقد المحروسة لم الدور يا بني احسن احنا مش قد غضبه دا باينه دا كمان مطبخها معاهم.
للمرة العاشرة تتوالى معه الصدمات وقد تيقن من صحة ما تردف به والدته حينما ابصر بعيناه المذكور وقد اتخذ مكانه على طاولة عقد القران زاد المرار بحلقه فلم يعد قادرا على الصمود أكثر من ذلك.
التف بحدة نحوهن قائلا
خليكم مرزوعين وانا ماشي وسيبهالكم.
قالها وتحرك بخطواته السريعة مغادرا وتبعته أمنية غير أبهة بأي شيء غيره ضړبت سميرة بقبضتيها على فخذيها أسفل الطاولة تقول بحسرة
يا عيني عليك يا بني حاسة بيه بس مش قادرة احصله ليتخرب بيتي كمان. 
طالعتها نرجس بأسف لم تتقبله الأخرى لتأخذ دور ابنها في الحقد مرددة
انتي لازم تعمليلك كرامة فاهمة ولا البت دي لازم تعرف ان عندك عزة نفس مش بهيمة ولا خيبة.
بعد انتهاء عقد القران والذي تم في أجواء من المرح بفضل التعليقات التي كان يطلقها رجل الدين المأذون والرد عليه من العريس المعروف أصلا بخفة ظله والتي كانت تجبر العروس على الضحك لتتغلب على خجلها الفطري 
لتشتعل الساحة بعد ذلك بالرقص وتصفيق الأحباب الذين التفوا حولهم بمشاركة فعالة تنبع من فرح حقيقي لارتباط الاثنين.
مجيدة والتي كانت على حالة من الغبطة فاقت التصور بعد أن أكرمها الله اخيرا بالزوجة الصالحة لابنها الأصغر وحالة من الأمل تزداد كل لحظة بفك عقدة الاخر مع استشعارها بالكيمياء التي حلت جديدا بين أمين ولينا التي بدأت ترى تجاوبها بوضوح.
لم تنسى ولو لحظة ترديد الأدعية الحافظة من كل شړ خصوصا وقد انتبهت جيدا لجمود نرجس وعدم تقدمها لمباركة شهد على عقد القران هي وشقيقتها الأخرى والتي لم تخفى الحقد الظاهر على قسماتها بالإضافة إلى الإنصراف المخزي من طرف شقيقتها وهذا المدعو ابراهيم خطيبها فور البدء في إجراءات عقد القران
وتساؤل يدور بذهنها
لما كل هذا الكره نحو شهد
وبعدين بقى هتفصل كدة ساكت لحد امتى يا ابراهيم
سألته بتوجس وقد طال انتظارها لدرجة زرعت بقلبها
الشكوك فحقيقة الوضع حتى ولو كان يحق له الڠضب والأعتراض لا تستوجب كل هذا الجمود والتجهم بشرود وكأن الأمر.......
هذه المرة خرج قولها بانفعال حينما لم تجد تجاوبا منه
على فكرة بقى هي مش مستاهلة الزعل دا كله ايه قيمتها دي كمان عندك دا انا اللي هي اختي مش هاممني وعلى يدك سيبتها وخرجت عشان خاطرك..
الټفت رأسه پحده نحوها يحدجها بشرار عينيه وللمفاجأة وجدها تواجه بتحدي بل وزاد بعينيها شك جعله يعيد التفكير سريعا في الرد عليها بخبث
انتي شايفة انه ميستحقش بس انا اللي هاممني الكرامة البت دي قلة قيمتنا كلنا لما فاجأتنا بعملتها ولا اكننا ناس غريبة عنها دي عمرها ما حصلت في الدنيا العروسة تعقد في يوم خطوبتها من غير ما تبلغ أهلها إلا اذا كانت مش معترفة انهم أهلها
استطاع التأثير بالضغط على هذه النقطة الحساسة حتى بدا الاعتراض يعلو تعابيرها لتردف بكبرياء زائف
في ستين داهية انا كمان مش معتبراها اختي.
اصدر صوتا بزواية فمه يبدوا كنصف ضحكة ساخرة ليردف لها
ما هو دا اللي هي عايزاه يا اختي عشان بعد كدة لما تقش الجمل بما حمل ما يبقالكمش حق تطالبوا بيه.
حمق تفكيرها يساعده كثيرا في التفريغ عن غضبه بل ويجعله يكتشف مواهبه الخارقة في برمجتها لصالحه لذلك لم يفاجئه ردها
دا انا كنت اطبق في زمارة رقبتها لو حصل أنا صاحيالها قوي.
قابل انفعالها بضحكة مستهزئة زادت من غيظها لتباغته القول
بس عشان كمان نبقى عادلين ابوك هو اللي مشجعها مع الراجل الصعيدي طيب ابو ليلة واهو غريب ومش مننا انما ابوك بقى يعمل كدة ليه
ضغط بقبضتيه حتى ابيضت مفاصله ليردف كازا على أسنانه
ابويا راجل كبير وهي بتدخلوا من ناحية الصحبية اللي كانت بينه وبين ابوها عقله ميجبش لؤمها معاه ومع ذلك انا لا يمكن افوتها المرة دي لازم اخد موقف يعرفه اني مش موافق على عمايله دي ع الأقل عشان يقدر خاطركم بعد كدة.
سألته بفضول
يعني هتعمل ايه
اجابها بنزق
مش محتاجة سؤال انا النهاردة مش بايت فيها وبكرة لما اقابله مش هسكت له ان شالله حتى اټخانق معاه. 
تطلعت أمامها نحو المنطقة التي توقفت بها السيارة منذ قليل لتردف بتفهم
اه عشان كدة بقى انت واقف قصاد المخزن الخلفي للدكان. 
ايوة يا اختي فهمتيها لوحدك
قالها ثم انتبه عليها ليمشط بعينيه على وجهها بزينته المتقنة ثم هذا الفستان المحكم على منحانيتها المكتنزة رغم شعورها بوقاحة النظرات لكن ذلك لم يمنع أن تكتنفها دغدة لذيذة تعطيها الثقة بأنوثتها التي تؤثر به حاولت نهره فخرج صوتها مهتزا
شيل عينك يا ابراهيم عيب.
ابتسامة خبيثة ارتسمت على ملامحه وقد كانت أمامه كصفحفة كتاب مفتوح فقال مستغلا ضعفها أمامه
بقولك ايه لسة محدش رجع من الخطوبة الزفت دي تعالي اقعدي معايا الشوية دول ونسيني على ما يجوا.
باعتراض واهي هزت رأسها تقول
لا يا ابراهيم مينفعش الدنيا ليل دلوقتي اخاڤ لتزودها معايا ما انا فاهمة اوي انت عايزني معاك ليه.
نهض فجأة مترجلا من السيارة يأمرها بحسم قائلا
مدام عارفة ايه لزوم الرغي اخلصي ياللا هما دقيقتين مش هيزيدوا.
توقفت سيارة الأجرة على جانب الطريق ليترجل منها العم كريم بعد انتهاء نوبة عمله تاركا السيارة الفخمة لأصحابها كان حاملا على يديه متطلبات المنزل من فواكه وخضروات وبقالة يخترق الطرقات الملتوية الصغيرة من زقاق لاخر مسافة ليست ببعيدة ولكن ما يصعب الأمر هو الصعود والهبوط على الأرض الغير سوية بالإضافة إلى الظلام الذي يقابله كثيرا في عودته ليلا مما قد يجعله عرضة لقطاعي الطريق ومعتادي الإجرام.
يخطوا بتسارع وقد اصبح على مقربة من منزله ولكن وقبل أن يصل اليه بوغت بيد قوية تسحبه بسرعة البرق ليجد نفسه داخل منزل جاره المټوفي منذ سنوات عديدة والذي تصدعت جدارنه وتهدمت معظمها ليصبح مسكنا للأشباح
بسم الله الرحمن الرحيم انت مين
تمتم بها بصوت مرتعش يشعر ببوادر ازمة قلبية من الړعب الذي شل اطرافه وعقله يخبره أنه من أحدهم تكلم الاخر وهو يكشف عن وجهه الملثم.
أنا حامد يا عم اهدى بقى.
شهق العم الكريم يسحب أنفاس كثيفة بخشونة ليستعيد ثباته قبل أن يتمالك ليدفعه بكفيه محتجا
روح يا شيخ الله يلعنك كنت هتجيبلي سكتة قلبية بعبطك ده إنت اټجننت
ضحك بسماجة وهو يرخي قبضته عنه يقول باستظراف
معلش يا اسطا جات شديدة عليك دي بس اعملك ايه بقى ما انا ملقتش طريقة تانية عشان اقابلك ولا انت كنت هتوافق يعني لو دخلت استنيتك في بيتك.
بيت مين
هتف بها ليتابع موبخا رغم الزعر الذي كاد يشل اطرافه
طب كنت اعملها يا حامد عشان كنت بلغت عنك وخلصت من خلقتك انت ايه اللي جايبك اساسا
الهوا هو اللي جابني.
اردف بها حامد ساخرا ليضيف 
دي برضوا مقابلة يا عم كريم تقابلني بيها وانا اللي اديتك الأمان عشان اجي اقابلك وابلغك باللي طالبه منك.
ازداد انفعال الرجل ليهتف بسخط
اسم الله عليك وعلى جمالك يعني انتي جاي تقطعني الخلف وليك عين كمان تطلب مني
تغيرت نبرة الاخير ليرد بلهجة راجية
ايوة جاي اطلب منك يا عم كريم عشان بصراحة بقى انا معنديش حد اثق فيه يوصل الأمانة دي لأهلي 
ارتد الرجل للخلف بړعب فور أن وقعت عينيه على الظرف الممتلئ بالنقود ليزداد ارتجافه حتى خرج صوته بلعثمة وارتعاش
الله ېخرب بيتك انت انت اا عايزني أروح برجلي لبيت أهلك اللي متراقب والبس مصېبة انت طلعتلي منين يا واد انت
ضحك بخشونة مرددا
طلعتلك من الضلمة ولا انت مش واخد بالك
اكمل بضحكه الساخر ليزيد من حنق الرجل والذي يأس منه فتحركت أقدامه للخلف ينوي المغادرة قائلا
طب يا خويا خليك في الضلمة اللي جيت منيها أنا معايا عيال عايز اربيهم.
هم حامد أن يقطع عليه طريقه ولكنه تفاجأ بمجموعة من الرجال الضخام تشبه فرقة المۏت ټقتحم فجأة وتحاوطه هو والعم كريم والذي صړخ برجاء
انا مليش دعوة بالواد ده انا راجع لولادي.....
اوقفه كبيرهم بأشارة من كفه قائلا
احنا عارفين ومراقبين من بدري زوق عجلك انت يا عم كريم وبرضوا لا شوفت ولا سمعت بأي حاجة. 
ابدا والله ما هتكلم عمري ما هتكلم .
ردد بالكلمات الرجل وهو ينسحب من البيت المظلم ليهرول هاربا إلى منزله والذي توقف بمدخله فور أن دلف إليه ليشرئب برأسه نحو الخارج بفضول دفعه للمعرفة ليصعق برؤية حامد محمولا على كتف أحد الرجال كخرقة بالية يذهبون به نحو سيارتهم التي كانت مركونة في مكان قريب مشهد اقشعر له بدنه وهو يعلم بما ينتظره.
تعالى اقعدي يا مودة.
تفوه بها الضابط عصام امرا بلطف فاستجابت له باحترام لتجلس على الكرسي المقابل لمكتبه والذي اشار عليه بيده منكسة الرأس پخوف أو ربما خجل تأملها قليلا قبل أن يقول
ارفعي راسك وردي عليا لما اكلمك انتي خلاص كلها يوم ولا يومين وتخرجي مدام صفاء المحامية بتعمل المستحيل عشان تخرجك.
ردت بصوت خرج كالهمس
عارفة يا
فندم.
خاطبها بلهجة تميل للنصح
مش مهم تعرفي وبس المهم تاخدي بالك بعد كدة الأخطاء الصغيرة في الحاجات بتجر وراها مصايب مش عيب ان البني ادم ينشأ في ظروف وحشة العيب انه ياخدها حجة عشان يمشي في طريق الغلط.
رفعت رأسها تقول بدفاعية
بس انا والله ما كنت اعرف بقيمة الخاتم.......
خلاص يا مودة.
قالها مقاطعا وبحزم يتابع
انا مش بتكلم ع اللي راح انا بتكلم ع اللي جاي حاولي تصبري شوية عشان ما يتكررش معاكي اللي حصل حتى لو هيتعبك الحرمان أكيد في يوم هتشبعي وتلاقي كل اللي اتحرمتي منه فاهماني يا مودة
اومأت برأسها وكلماته رست في قلبها قبل عقلها
أكيد يا باشا فهمت.
انتهى من حمام دافئ أرخى به عضلات جسده المتشجنة نتيجة الإجهاد في عمله المتواصل طوال اليوم دون توقف دلف إلى الغرفة بالمنشفة الصغيرة يجفف شعر رأسه ولكنه انتبه على الإضاءة التي كانت تصدر من هاتفه على الكمود المجاور لفراشه
 

 

تم نسخ الرابط